هــــــــروب

موضوع: هــــــــروب الإثنين أبريل 11, 2011 6:55 pm

وأحلامي لا تتوقف .. بعدما أخرج من هنا سأذهب إلى أيه مكان بلا توقف .. سأذهب إلى

بدأ شعاع من الضوء يدخل من الفتحة التي أحدثتها بالجدار المتآكل ليزداد أملي كبراً مع إتساعها .. وتزداد أحلام الهروب بداخلي .. نعم سأتمكن أخيراً من الهروب من هذا السجن العتيق .. قضيت به سنوات طوال .. كم عددها ؟ .. لم أعد أر لعددها أهمية .. فلقد قضيت حياتي كلها هنا .. وقضى علي .. ولكني سأتمكن من الهروب .. تزداد الفجوة إتساعاً في سقف غرفة تعذيبي .. وتتناثر الأتربة على وجهي منبئة بقرب موعد الخلاص .. أضناني التعب وكلَ جسدي الواهن .. توقفت برهة لأريحه .. أنهار أحلامي التي رأيتها مراراً تتراقص في مخيلتي .. سأبدأ مشوار حياتي الذي رسمته لنفسي منذ نعومة أظافري .. سأحقق الكثير والكثير .. سأبدأ بإسعاد أحبابي .. سأملأ حياتهم بهجة وسرور .. لتزداد فرحة قلبي بعدما فرح بلحظة الخلاص .. تمتد يدي ثانية إلى معولي الصغير .. وأنقض على فجوة السقف بقوة الشباب .. أنهال عليها تحطيماً وينهال على وجهي ترابها وتنهال أفكاري كثرة ووفرة ويزداد إتساعها .. بدأت أتنسم نسائم فجر يومي .. بدأت أرى سماء حياتي .. تزداد قوة ضرباتي .. معلنة عن أقوى إنتصاراتي .. القليلة الهزيلة .. أتمكن أخيراً من رفع رأسي إلى الخارج .. أنفض الأتربة عن عيوني .. أمدد يدي إلى الهواء قابضاً على بعضه لأمسح به جسدي .. تتوقف أفكاري لحظات لتحيا معي لحظات النصر .. عيناي زائغتان .. تنظران في كل مكان .. قلبي لا زال واجفاً خائفاً من الحراس .. أصبحت أزيد إتساع فجوتي من الخارج .. وأتوقف لأصيخ السمع خاشياً من صوت ضربات المعول .. وأخيراً تمكنت من المرور من فجوتي .. لأقف رانياً للأفق ماداً يدي إليه حاضناً .. تغرورق عيناي وترسل على خدي رسالة من أدمع الفرحة .. أضنيت وأثخنت يداي .. جلست على أرض السقف مرتاحاً وتمددت .. ببسمة نصر على الشفاه .. وتتلاحق أمواج أفكاري .. ترى من أي طريق سأبدأ مشوار حياتي ؟ .. سأبدأ بالبحث عن كل من أحببتهم يوماً .. سأملأ جعباتي سعادة وأطوف عليهم موزعاً إياها .. لا أريد شكراً .. لا أريد معروفاً .. مازال قلبي صغيراً .. وليداً .. يحيا بالحب ويخفق له .. أسمع زقزقة عصافير الفجر وأرى حمائمه تطوف في هواء حريتها .. المنشودة .. أعتدل في جلستي بعدما رأيت إحداها تقف بجانبي .. بدهشة نظراتها ترنو إلي .. متسائلة .. وكأنني أسمعها تقول لي إلى أين الهروب ؟ .. وإلى من ؟ .. أبعد كل هذا العمر تفكر في الرحيل ؟ .. أإلى مجهول ذاهب أنت ؟ .. أم إلى أقفار ذكراك ؟ .. أظننت أن الحياة توقفت وسجنت معك ؟ .. لقد مضت يا هذا وبلا عودة .. لم يعد من يذكرك .. ولو بالسوء .. أهلكتهم دوامات الحياة .. نسيك الجميع و نسوا مذاق السعادة .. لم يعد لها وجود ولا طعم .. ولو ذاقوها لما إستساغوها .. أضحت من آثار ماض سحيق .. لا يريد أحداً حتى ذكره .. لن أسديك نصحاً لا بالعودة ولا بالهروب .. فقط أنت تريد أن يقال لك أنك حر .. طليق .. ولكنك ستبقى وحدك بلا رفيق .. كل ما تحمله من خير متآكل و بال ..... إفعل ما تريد ..
نعم .. هذا ما أردت سماعه .. سأفعل ما أريد .. ليس بعد كل عمري يريد طائر مثلك أن يوقفني عما أريد .. سأفعل ما أريد .. لم أفقد الأمل يوماً ولن أفقده الحين .. سأفعل ما أريد .. علََي أجد من يذكرني .. ولو بالسوء .. من ؟ .. لم أعد أدري .. تزداد حبائل خيوط فجري كبراً وقوة .. أشعر كالتائه في بيداء بلا واحة .. تتلاطم مني الأفكار .. لم أعد أر فائدة للهروب .. بعدما أكد لي طير الصباح أن ما أراه فجراً قد لاح ما هو إلا غروب .. إلى أين إذاً الهروب ؟ .. أتسلق أسوار السجن هابطاً .. أغتسل في جدوله شاخصاً .. بصوت الصمت منادياً .. يائساً .. يرتد الصوت في أذني مدوياً .. ما من مجيب لنداءاتك .. أجلس مطأطئاً .. أدمع بائساً .. أرنو لسماء حياتي حانياً حائراً .. أقوم متكاسلاً .. وأسير في طريقي متباطئاً عائداً .. أدق باب سجاني .. صريره يمزق فؤادي المتهالك .. ينظر إلي هازئاً متسائلاً .. أأشرقت شمسك أم كنت هارباً ؟ .. أكاد لا أراه من بين دموعي .. صوته الأجش أطفأ ضي شموعي .. أغمض عيناي عن رؤية برد حوائط سجني وأرد بصوت خفيض ذليل .. علام الهروب ؟ .. كنت يا هذا فقط أرنو لإشراقة ......... شمس الغروب ..........

__________________

كأن قلوب الناس كواكب .. ضلّت في أفلاكها .. يسبح كلٍ حيث يجب أن يسبح الآخر .. ولو إهتدى كلٍ إلى مداره لما شهد الليل أنّات المحبين ..

************************************************